هل تبيع الصين البيتكوين سراً؟ سؤال يثير المخاوف ويكشف فجوة قانونية صامتة

في خضم الحرب الاقتصادية المتصاعدة مع الولايات المتحدة، بدأت تتسرب أنباء مثيرة من الداخل الصيني حول تعامل غامض مع عملات البيتكوين التي تمّت مصادرتها في قضايا قضائية.

بينما تُعرف بكين رسميًا بموقفها المتشدد ضد العملات الرقمية، تظهر على السطح الآن روايات تُشير إلى أن بعض الحكومات المحلية في الصين لا تلتزم بهذا النهج بكل دقة.

ثغرة قانونية أم تجاهل مركزي؟ بين التوجهات المركزية والتطبيقات الميدانية

بحسب تحقيق نشرته وكالة رويترز، يبدو أن هناك عمليات بيع "خلف الكواليس" تتم عبر وسطاء خاصين، حيث تقوم هذه الجهات المحلية بتحويل البيتكوين المصادرة إلى سيولة نقدية دون المرور بأي إطار تنظيمي واضح.

ما يحدث، وفقًا للمصادر، هو استغلال لفراغ تشريعي يخص مصير الأصول الرقمية بعد مصادرتها من المتهمين في قضايا جنائية أو مالية. فبينما يفتقر القانون الصيني إلى آلية محددة لإدارة هذه الأصول، وجدت بعض المقاطعات وسيلتها الخاصة للتصرف بها، بعيدًا عن أعين العاصمة.

هذه الجهات، حسب التقرير، تستعين بشركات متخصصة لتصريف البيتكوين في الأسواق الدولية. ومن أبرز الأسماء المتداولة، شركة Jiafenxiang التي قيل إنها أتمّت عمليات بيع بقيمة قاربت 3 مليارات دولار لصالح إدارات محلية داخل الصين. الهدف؟ ضخ السيولة في خزانة هذه المقاطعات التي تعاني من تراجع اقتصادي حاد، مدفوع بتباطؤ النمو وتداعيات الصراع التجاري مع الولايات المتحدة.

رغم أن الحكومة الصينية تُصر علنًا على موقفها المناهض لتداول العملات المشفرة، فإن ما يحدث ميدانياً يُظهر وجود مرونة غير معلنة. هناك مقترحات برزت مؤخرًا تدعو إلى تحويل هذه الأصول المصادرة إلى احتياطي استراتيجي تديره الدولة، وقد خاضت الجهات التنظيمية نقاشات داخلية بهذا الخصوص مع مسؤولي المقاطعات.

وتبدو هذه الخطوة منطقية في ظل المخاوف من تدهور قيمة اليوان مستقبلاً، خاصة إذا ما استمرت العقوبات الاقتصادية والرسوم الجمركية من الجانب الأمريكي. في هذا السياق، تصبح العملات الرقمية - رغم رفضها العلني - أداة بديلة لحماية الأصول، بل وربما وسيلة لتسوية بعض المبادلات التجارية.

من العلن إلى الخفاء… روايتان للصين

بين التصريحات الرسمية في بكين التي ترفض العملات الرقمية، والتحركات الفعلية التي تشير إلى استخدامها كأداة تصفية وتسوية، يبرز ذلك التناقض الصيني التقليدي: الازدواجية بين التشريع والممارسة.

فقد ظهرت تقارير تُفيد بأن الصين، مثلها مثل روسيا، بدأت باستخدام البيتكوين لتسوية صفقات في قطاع الطاقة. وهي خطوة تؤشر لتغيّر تدريجي في طبيعة التفكير الاستراتيجي حيال العملات الرقمية.

هل نشهد إذًا إعادة رسم لدور العملات الرقمية في السياسات الاقتصادية الصينية؟ ربما. لكن الأكيد أن ما يحدث حاليًا في الكواليس الصينية يستحق المراقبة عن كثب.