“فيديليتي” تخطو نحو تمثيل الأصول رقمياً عبر شبكة إيثيريوم

شهد هذا الأسبوع تطورين رئيسيين يُبرزان التباين في مسارات التمويل التقليدي ودعاة خصوصية العملات الرقمية في مجال البلوكتشين.

فيديليتي تنضم إلى حملة التمثيل الرقمي

تتخذ شركة “فيديليتي للاستثمارات”، إحدى أكبر شركات إدارة الأصول في العالم، خطوة جديدة في مجال ابتكار البلوكتشين، من خلال تسجيل نسخة ممثلة رقمياً من صندوق سوق النقد بالدولار الأميركي على منصة إيثيريوم. وبحسب الملف المُقدَّم إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في 21 مارس، تم الإعلان عن إطلاق فئة أسهم جديدة تُسمى “OnChain”، تهدف إلى تعزيز الشفافية وقابلية التتبع لصندوق “فيديليتي الرقمي للخزانة” (FYHXX) البالغ قيمته 80 مليون دولار.

ورغم أن الأسهم الممثلة رقمياً لن تحل محل سجلات الملكية التقليدية لشركة فيديليتي، إلا أن الشركة أوضحت أن المعاملات القائمة على البلوك تشين ستُطابق يوميًا مع دفتر الأستاذ الرسمي الخاص بها. ومن اللافت أن سندات الخزانة الأمريكية التي تدعم الصندوق لن تُمثّل رقمياً بشكل مباشر، إلا أن هذه الخطوة تعكس توجهًا أوسع من فيديليتي نحو البنية التحتية للأصول الرقمية.

وبانتظار الموافقة التنظيمية، يُتوقع أن تنطلق فئة “OnChain” بحلول 30 مايو. كما أشارت الشركة إلى نيتها التوسع لاحقًا إلى شبكات بلوكتشين أخرى.
تضع هذه الخطوة شركة فيديليتي جنبًا إلى جنب مع عمالقة مؤسسيين آخرين مثل “بلاك روك” و”فرانكلين تمبلتون” في سوق تمثيل الأصول الحقيقية رقمياً (RWA) الذي يشهد نموًا سريعًا. ووفقًا لبيانات rwa.xyz، تُقدَّر قيمة سوق منتجات الخزانة المُمثلة رقمياً حاليًا بحوالي 4.8 مليار دولار، منها أكثر من 3.3 مليار دولار مُستضافة على شبكة إيثيريوم وحدها.

وزارة الخزانة تسعى لإنهاء قضية “تورنادو كاش” بعد الشطب

في الوقت الذي يُحرز فيه التمويل التقليدي تقدمًا في دمج تقنية البلوكتشين، لا يزال الجانب المرتبط بالخصوصية في العملات الرقمية يواجه تحديات قانونية. ففي اليوم نفسه الذي قدمت فيه فيديليتي ملفها، أزالت وزارة الخزانة الأميركية رسميًا Tornado Cash والعديد من عناوين العقود الذكية المرتبطة بها من قائمة العقوبات الخاصة بها، لكنها تدّعي الآن أن القضية لم تعد تتطلب حكمًا قضائيًا نهائيًا.

وكان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) قد أدرج “تورنادو كاش” في القائمة السوداء عام 2022، متهمًا إياها بأنها أداة لغسل الأموال لصالح مجموعة لازاروس الكورية الشمالية. وردًا على ذلك، رفعت مجموعة من المستخدمين، بدعم من كوين بيس وبقيادة مطور الإيثريوم بريستون فان لون، دعوى قضائية ضد وزارة الخزانة بحجة أن العقوبات تنتهك الحقوق الدستورية.

وبعد أشهر من الجدل القانوني، بما في ذلك حكم قضائي صدر في تكساس لصالح “تورنادو كاش” جزئيًا في يناير 2024، اعتبر البعض أن شطب وزارة الخزانة للبروتوكول يُعد تنازلًا ضمنيًا. مع ذلك، يرى بول جريوال، كبير المسؤولين القانونيين في كوين بيس، أن الحكومة تحاول التهرب من مراجعة قضائية كاملة، بالادعاء بأن القضية أصبحت الآن بلا موضوع.

وقال جريوال، مستشهدًا بسوابق قضائية للمحكمة العليا: “القانون واضح – شطب “تورنادو كاش” لا يمنع وزارة الخزانة من إعادة إدراجها مستقبلًا”.
ولا يزال الغموض القانوني يحيط بـ “تورنادو كاش”، خاصة مع استمرار ملاحقة مؤسسيها قضائيًا. إذ يواجه رومان ستورم، أحد المؤسسين، محاكمة في أبريل المقبل، بينما لا يزال المؤسس المشارك رومان سيمينوف مطلوبًا من قِبل مكتب التحقيقات الفيدرالي. وفي تطور آخر، تم الإفراج عن المطور أليكسي بيرتسيف، الذي كان معتقلًا سابقًا في هولندا، بانتظار استئناف إدانته بتهمة غسل الأموال.

مشهد متباين بين التبني المؤسسي والتحديات التنظيمية
تُبرز خطوة فيديليتي مدى اتساع قبول تقنية البلوك تشين في الأوساط المالية التقليدية، لا سيما مع التركيز على تحسين الشفافية والكفاءة. وفي المقابل، تُعيد قضية “تورنادو كاش” تسليط الضوء على الصراع المستمر بين مبادئ اللامركزية وحماية الخصوصية من جهة، والرقابة التنظيمية من جهة أخرى.

ومع توجه المؤسسات الكبرى نحو تمثيل الأصول رقمياً عبر شبكات البلوكتشين العامة، وتكيّف الجهات التنظيمية مع واقع العملات الرقمية، يبدو أن مستقبل الويب 3.0 سيتشكل تدريجيًا وفقًا لكيفية تطور هذين المسارين المتوازيين.